مقال خاص

الإسلام في جزيرة ال

Selasa, 9 Juni 2009 | 09:00 WIB

بداية دخول الإسلام وتطوره
صهيب جاسم: حكاية الإسلام في جزيرة جاوا الإندونيسية أو جزيرة الأولياء التسعة تبدأ في القرن الأول هجري وتحديدا في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما حمل الرسالة المحمدية الملاحون العرب الذين كانوا أمراء بحار الشرق الأقصى تابعهم وشاركهم مسلمون من الفرس والترك والهنود قبل وصول سفن المستكشفين الأوروبيين بقرون عديدة.

أحمد سوريانغارا – مؤرخ إندونيسي في جامعات جاوا الغربية: لأن إندونيسيا هي أرخبيل من الجزر فقد نقل إلينا الإسلام العرب والهنود والفرس والصينيون كل منهم أرخ للإسلام من نافذة تجربته لكن الصينيين أكدوا في سجلاتهم أن العرب قدموا إلى هذه المنطقة قبل وصول المسيحية خلافا لما ذكرته كتب المستشرقين.

صهيب جاسم: فلقرون قبل وصو<>;ل الإسلام سادت الديانتان الهندوسية والبوذية وأثرتا على المعتقدات الجاوية المحلية القديمة لتظل أثار التمازج الثقافي بين هذه الثلاثية حاضرة إلى يومنا هذا في ممارسات الحياة اليومية لدى البعض وفي معتقداتهم نتيجة لتراكمات على مدى سبعمائة وخمسين عاما، تعد جزيرة جاوا بمثابة القلب السياسي والاقتصادي لإندونيسيا ومع أنها لا تشكل إلا 7% من مساحتها الكلية إلا أن قرابة الـ 60% من الإندونيسيين البالغ عددهم مائتان وعشرون مليون نسمة يقطنون جاوا يشكل الجاويون الشرقيون منهم 41% ويتحدثون الجاوية خلافا للغة الإندونيسية يتبعهم السندانيون بجاوا الغربية ويشكلون 15% ولهم لغتهم أيضا إضافة إلى البتاويين والوافدين من الجزر الأخرى، هذا التركز السكاني والنجاح الزراعي والتجاري مهد لظهور سلطنات قوية في جاوا قبل أن تحتضن عاصمة إندونيسيا اليوم جاكرتا، فمع حلول القرن السادس عشر الميلادي كانت سلطنات إسلامية جاوية قد عززت علاقاتها الدينية والاقتصادية والسياسية مع الخلفاء الأمويين والعباسيين ثم أتراك الخلافة العثمانية، الاستعمار الهولندي من جهته سعى إلى تكبيل الجاويين بمعتقداتهم القديمة خوفا من أن يحرك الإسلام فيهم دعاوى التحرر فيتوحدون مع سلاطينهم ضده لذلك عمل على إسقاط أو إضعاف السلطنات الإسلامية ولأن الإسلام انتشر سلميا وبدون قوة السيف فمن الطبيعي أن يفد بالدعوة مجموعات من الدعاة يماثل كل منها مد جديد ونجد في جاوا اليوم أحفاد آخر مَن هاجر من العرب بأعداد كبيرة أواسط القرن التاسع عشر الميلادي ومع أن غالبيتهم من حضارمة اليمن بيد أن هناك غيرهم من الشام ومصر والعراق وحتى المغرب سبقوهم في القرون الأولى والوسطى من تاريخ الإسلام هنا، كما لا يمكن إغفال البعد الصيني فهذا المسجد بني في مدينة صرابايا بجاوا الشرقية تخليدا لدور الصينيين المسلمين أو الجيل الثاني من العرب والمسلمين المقيمين في الصين ممن ساهم في الدعوة إلى الإسلام وقد تسلم ملوك الصين رسالة من ثالث أمير للمؤمنين وسبعة عشر سفير أموي ومثلهم من الخلفاء العباسيين كانوا يمرون كلهم بجاوا وسومطرا في طريقهم إلى الصين كما هو حال غالبية التجار العرب والمسلمين المتجهين نحو الصين، عند مراجعة تاريخ الإسلام في جزيرة جاوا لا يمكن أن نتجاهل دور مَن يسمون بالأولياء التسعة من العلماء المتصوفة ومن جاء بعدهم من مريديهم وأبنائهم ممن عملوا على نشر الإسلام في جزيرة جاوا وأسلموا ممالك الهندوسية والبوذية فيها ابتداء من القرن الثالث عشر واليوم اتخذ الكثير من أهل جاوا قبور أوليائهم مقصد للحج بهدف الذكر والتبرك بهم وهو مسلك قسم من علمائهم التقليديين خصوصا في جاوا الشرقية، فعلى امتداد جزيرة جاوا تنتشر قبور دعاة مثّل عهدهم ذروة الدعوة إلى الإسلام بعد قرون من وصوله سواحل الجزيرة الجاويون يسمون أصحاب هذه القبور بالأولياء وهناك مواسم لزيارات الناس ممن تعلموا الإسلام بالوراثة أو ممن لم يكملوا تعليمهم وفق طقوس محددة وأذكار معينة تتضمن أدعية وتوسلات بمن وصفوا بعد وفاتهم بسنوات طويلة بالأولياء تخليدا للنجاح الاجتماعي والسياسي الكبير الذي تحقق على أيديهم ومريديهم، مثل هذه الأناشيد في منلوتيس وبايا وغرسيك بجاوا الشرقية تذكر بشيخ الأولياء التسعة مولانا مالك إبراهيم التركي الأصل والمتوفى عام 1419 ميلادية وكان طلابه من التجار الهنود تبعهم مولانا إسحق البخاري ثم أحمد جمال الدين الكبير السمرقندي ومحمد المغربي ومالك الثاني التركي ومحمد علي أكبر الفارسي ومن فلسطين حسن الدين وعلاء الدين والشريف هداية الله، التنسيق وعلاقات التصاهر بين الدعاة وأسر السلاطين أظهر أربعة أجيال متتالية من الدعاة خلال القرنين الخامس والسادس عشر ولدورهم التاريخي الهام فقد روى القصاصون الأساطير عنهم غير أن السجلات التاريخية ذات المصداقية تنفي عنهم أمرهم للناس بما يخالف أصول الدين لكن الكثير من عوامل الجاويين يصدقون قصص كراماتهم مندفعين بالآلاف إلى زيارة مساجدهم وأضرحتهم تقديرا لدعوتهم إلى الإسلام دون إشعال صراعات دينية.

"
أكثر من 90% من سكان جزيرة جاوا مسلمون، ولكن مستوى التدين ونوعيته لديهم مازالت بحاجة إلى مزيد من الارتقاء
"
        شافعي معارف
شافعي معارف – مستشار جمعية محمدية: لقد نجح الدعاة من الأولياء التسعة ومَن سار على نهجهم في نشر الإسلام لتسامحهم مع الثقافة المحلية ولهذا فإن أكثر من 90% من سكان جزيرة جاوا مسلمون خصوصا في جاوا الغربية والشرقية لكن مستوى التدين ونوعيته لديهم لازالوا بحاجة إلى مزيد من الارتقاء.

صهيب جاسم: قد تختلف الروايات في تفسير سبب رفع سبعة مؤذنين الأذان في مسجد سلطنة تشربن بجاوا الغربية لكن ما اتفق عليه أن هذه السلطنة هي إحدى الممالك الجاوية التي صاهر أحد الأولياء التسعة عائلتها المالكة ليجعل منها سلطنة إسلامية فقد كان الأولياء التسعة ساسة وقادة مجتمع بأسلمتهم سلطنات غري وديماك وباغنغ ومطرم وبانتن مسطرين قوانين مفصلة كانت أساسا لتطبيق بعض سلاطينها الشريعة الإسلامية ولكن بعد قرنين من عهد الأولياء التسعة تراجع نفوذ السلطنات على يد الهولنديين لتنتقل قيادة المجتمع إلى المعاهد الدينية كان أولها في جزيرة جاوا معهد سيد القرى الذي أسسه سليمان السيد باشيبان الحضرمي الأصل عام 1718 ويسمى المعهد هنا بالبسانترين والطالب فيه سانتري وتعني بالسنسكريتية والجاوية الإنسان الطيب المحب لمساعدة الآخرين ويدرس اليوم خمسة ملايين سانتري في ثلاثة عشر ألفا معهدا دينيا في إندونيسيا كثيرا منها في جزيرة جاوا فهي بذلك أكثر دول العالم الإسلامي احتضانا للمؤسسات التعليم الديني التي خرجت علماء ما تزال مؤلفاتهم تدرس في الراريري والمكاسيري والسينكيلي بقاء هذه المعاهد رغم التحولات السياسية اعتمد على الاستقلالية في التمويل دون الرضوخ لشروط من يمسك بزمام السلطة والمال.

محمود علي زين – مدير معهد سيد القرى بجاوا الشرقية: تعرضنا لكثير من المحاولات من قبل قوى سياسية وحكومية للتأثير على مناهجنا وسعينا إلى أن يكون معهدنا مستقلا وله برامجه الخاصة وقمنا بأعمال تجارية للاكتفاء الذاتي ولم نتسلم مساعدة حتى الآن من الحكومة أو من أي جهة أجنبية هذه فلسفتنا منذ التأسيس.

صهيب جاسم: تشكيل العقلية لدى آلاف الطلبة المتخرجين من المعاهد لا طالما يثير تساؤلات لدى الباحثين حول سلبية بعضهم تجاه معطيات المجتمع ومحدودية تأثير دراستهم في صقل شخصية إسلامية معاصرة ومع أن تعليم المعاهد الدينية هنا ظهر وتوسع قبل تأسيس التعليم الوطني وبشكل منفصل عنه إلا أن التحدي الذي يواجه المعاهد هو في تفعيل دورها في الإصلاح الثقافي والديني لمحيطها الاجتماعي وخصوصا في الأرياف لتصفية الدين من مخلفات المعتقدات القديمة.

محمد أشكري دارسمان – أحد مشرفي معهد سيد القرى: من أجل تحقيق هدفنا قمنا بالسعي لتخريج متخصصين كالذين يدرسون في قسم المعاملات ومنهم مَن يدرس في قسم الدعوة والتربية حتى يكونوا بعد تخرجهم أقرب للمجتمع ولكننا نعترف بالتقصير فالقليل من الطلاب في معهدنا لديه كفاءة عالية للدعوة المباشرة وسط المجتمع.

صهيب جاسم: وبعد مئات السنين في ظل الاستعمار الأوروبي تحالف خريجو المعاهد والقادة الدينيون مع القوميين والأمراء في مواجهة الاستعمار حتى كان استقلال إندونيسيا في السابع عشر من أغسطس لعام 1945 لكن هذا التحالف تفكك برفض سوكارنو أول رئيسا للبلاد جعل الشريعة الإسلامية واجبا دستوريا ليظل هذا الخلاف إلى يومنا هذا بين الإسلاميين والعلمانيين بإندونيسيا، في سورابايا ثاني أكبر مدينة جاوية وعاصمة الإقليم الشرقي منها توفر الكثافة السكانية نافذة لفهم التغيرات السياسية والاجتماعية والدينية ففي جاوا الشرقية أعلن عن تأسيس جمعية نهضة العلماء التي وُلدت من رحم المعاه&am